الطنين

الطنين


سئمت من سماع الأغانى المتشابهة التى حفظتها عن ظهر قلب , كما أنى لا أريد أن استمع إلى نشرات الأخبار ، فلقد سمعتها عشرات المرات , هل استمع إلى إذاعة القرآن الكريم , لكنى لا أريد أن أنافق نفسى .
على أية حال , أدرت المؤشر دون أن أعلم إلى أين سأذهب به أو سيذهب بى . توقفت فجأة لأستمع لهذا الطنين المستمر الذى يتواجد بين المحطات . لأول مرة يجذب انتباهى .
أوقفت المؤشر , بدأت أنصت لهذا التناغم المثالى الذى لا يتوقف .
لماذا لا يهتم به أحد ؟ هل لأنه لا يمتلك صوتا ً خاصا ً به , أليست هذه " الوشوشة " صوتا ً مميزا ً , حتى و إن كان لا يمتلك صوتا ً خاصا ً
ربما يريد من كل ٍ منا أن يبنى محطته الخاصة فى هذا الفراغ ... فى هذا الصمت ذى الصوت العالى , أن يسمع فيها ما يحب و أن يقول فيها ما يريد , و ألا يترك كلام الأخرين يغزو عقله و كيانه أو يأسر روحه .
أردت أن أشعر الطنين أنى أفهمه , وأنى سأنفذ وصيته التى يصرخ بها و هو يتلاشى فى الفراغ . أطفأت أنوار الغرفة عدا نور الأباجورة , أسندت ظهرى للخلف , أغلقت عينى , و بدأت أنسج من هذا الطنين ثوب حياتى بكل ما فيه من مزقات و بكل ما عليه من أقذار .
عندما انتهيت أحضرت ورقة و قلم , و أخذت أرقع الثوب بالكلمات و الحروف , و انتزع الأوساخ بالصفات و النعوت .
لم أتوقف إلا بعد أن نفذ العمر من قلمى و اكتمل الكمال على ورقتى .
علقت حياتى الكاملة على الحائط , و بداخلى شعور بالرضا , و أنا
أضيىء الأنوار , و أعيد المؤشر لأقرب محطة لأستكمل حياتى بثوبى المرقع .
حقا ً , شكرا ً لك أيها الطنين .